أسوأ عام في التاريخ (عام السماء السوداء)

 


المؤرخ الروماني كاسيودوروس في رسالة له لأحد أصدقائه يقول: هذا العام غريب، هناك شتاء قارص لم نعتد عليه، وربيع ليس به اعتدال مناخي، وصيف دون حرارة الشمس التي اعتدناها. صقيع طويل وجفاف غير محتمل حرمانا من المطر وخصوبة الأرض، واختفت الثمار. الضباب يتكاثف في السماء ويمنع عنا الضوء.

أسوأ عام عرفته البشرية

يصف المؤرخون عام 536م على أنه أسوأ عام في التاريخ، وأطلقوا عليه عام السماء السوداء، ولكن لماذا؟ حيث إنه في هذا العام غابت الشمس تماماً عن الأرض، أي حجبت نورها عن الأرض لفترة زادت على ثمانية عشر شهراً. في ذلك الوقت لم يعرف الناس ما الذي حصل، حيث إن الشمس كانت مغطاة بشكل هائل من الضباب والغيوم والدخان والغبار، وكان قرص الشمس ظاهراً، لكن الناس لم يستطيعوا أن يروا ظلاله. كانت الشمس تشرق دون سطوع، مثل القمر، كأنها في كسوف دائم. هذا الحدث أثر تأثيراً كبيراً على حياة الناس، حيث انخفضت درجة الحرارة بشكل كبير، ومات كثير من الحيوانات في مختلف أنحاء العالم، وكذلك موت المزروعات والمحاصيل. وأصاب سكان العالم حالة من الهلع والاضطراب والقلق، والأمراض، منها الطاعون الذي حصد أرواح آلاف الناس.

يقول الكاتب البيزنطي ميخائيل سوري عن عام ٥٣٦م إن الشمس مرت بكسوف دام ثمانية عشر شهرًا، ولم يكن هناك ضوء للشمس سوى ثلاث ساعات صباحًا، ولكنه كان ضوءًا ضعيفًا لا يشبه الليل ولا يشبه النهار الذي نعرفه.

هذه الظاهرة انتشرت في كثير من أرجاء العالم، فمثلاً في الصين سقط الثلج في الصيف، وفي أوروبا غابت فيها الشمس وماتت المحاصيل الزراعية، وحتى في الوطن العربي في الشام يذكر المؤرخون عن عام لم يروا فيه الشمس، بل إنهم كانوا يشاهدون ما يشبه القمر في السماء.

نحن اليوم نعرف ما لم يعرفه كثير من سكان العالم حينها، ما الذي حدث في عام ٥٣٦م من دراسة خبراء الجيولوجيا للأرض والباحثين وما حصلوا عليه من آثار تبين أنه في هذا العام ثار بركان ضخم في آيسلندا، حيث ثار فترة من الزمن وأطلق كمية هائلة من الغبار والدخان حجبت الشمس. هذه الظاهرة التي استمرت أكثر من سنة ونصف والتي أثرت في حياة كثير من سكان العالم وأدت إلى موت كثير من الناس والحيوانات والنباتات، يقال إنه احتاجت البشرية أكثر من مائة عام للتعافي منها.

البعض ممن سمع عن ما حدث في عام ٥٣٦م يتساءل: يا ترى، هل كارثة مثل هذه ممكن أن تتكرر؟ 
نعم، ممكن. العلماء يقولون مستقبلاً إن هناك عدة براكين خامدة، منها براكين كبيرة جداً، ممكن أن تعود للثوران مرة أخرى. وهذا أيضاً من أشراط الساعة أن تكثر البراكين والزلازل. وسوف يكون انفجار بعض من هذه البراكين مدمراً جداً، مما قد يؤدي إلى تغير كبير في المناخ بشكل مرعب، بل وأكثر من عام ٥٣٦م. ستحجب أشعة الشمس، وسيدخل البشر في ظلام دائم، ويتغير المناخ، وتنخفض درجة الحرارة بشكل كبير، ويموت الكثير من المحاصيل الزراعية، وتتفشى المجاعة، ويموت الملايين من الناس حول العالم. كذلك، ستصبح مصادر الطاقة والغذاء محدودة، وسينقطع الاتصال والإنترنت والأقمار الصناعية، وتتوقف حركة الطيران. وسيكون هناك أمم بحاجة للطاقة والغذاء، مما قد يرجح أيضاً دخول العالم في صراعات وحروب مدمرة، والله أعلم. 

أ.مأمون العامري.

تعليقات